تعريف الحديث (الغريب) في مصطلح الحديث وتحذير أئمة السلف الشديد منه



أولاً: تعريف الحديث الغريب في مصطلح الحديث:


الحديث الفرد والغريب في اصطلاح المحدثين هو الحديث الذي يكون مداره على راو واحد. وبعبارة أخرى هو ما رواه أحد الرواة منفرداً بروايته ولم يروه معه أحد في إحدى طبقات السند على الأقل.

ثانياً: تحذير أئمة الحديث من الأحاديث الغرائب:

في القرن الرابع الهجري قال الإمام العبقري الجهبذ المحدّث إبن عدي الجرجاني رحمه الله:

الباب السادس والعشرون 

طلب غريب الحديث من علامة الكذب، والحراج (أي التحرج والإحتياط) في الكتابة من علامة الصدق. حدثنا جعفر بن محمد بن الحسن بن المستفاض الفريابي، حدثني بشر بن الوليد قال : سمعت أبا يوسف يقول : من طلب الدين بالكلام ، تزندق ، [ومن طلب غريب الحديث ، كذب] ، ومن طلب المال بالكيمياء ، أفلس . حدثنا أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي ، حدثنا جعفر بن محمد الفريابي ، إلا أن المعنى واحد . وهذه الحكاية بعينها بألفاظ غير ما ذكره الفريابي نحوه . حدثنا أبو يعلى أحمد بن علي بن المثنى ، أخبرنا بشر بن الوليد ، قال : سمعت أبا يوسف يقول : فذكر هذه الحكاية بعينها ، بألفاظ غير ما ذكره الفريابي ، إلا أن المعنى واحد . حدثنا عبد الوهاب بن أبي عصمة العكبري ، أخبرنا أحمد بن أبي يحيى ، قال : سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل غير مرة : [لا تكتبوا هذه الأحاديث الغرائب فإنها مناكير وعامتها عن الضعفاء] . سمعت الحسين بن أبي معشر ، يقول : سمعت محمد بن عثمان بن كرامة يقول : سمعت أبا نعيم يقول : [إذا كان الكتاب مسجوحا كان من علامة الصدق] . سمعت أحمد بن محمد بن سعيد يقول : سمعت عبد الله بن أسامة الكلبي يقول : قال أبو نعيم : [يدلك على صحة الكتاب وجودة السماع ، كثرة الحراج فيه] (أي كثرة الاحتياط فيه).

المصدر: (الكامل في ضعفاء الرجال جزء 1 صفحة 39 ، اسم المؤلف:  عبدالله بن عدي بن عبدالله بن محمد أبو أحمد الجرجاني ، دار النشر : دار الفكر - بيروت - 1409 - 1988 ، الطبعة : الثالثة ، تحقيق : يحيى مختار غزاوي). ونفس الصفحة رقمها 111 في طبعة دار الكتب العلمية بيروت لبنان الطبعة الأولى 1418 هـ 1997م

وقال العلامة الخطيب البغدادي المتوفى في القرن الخامس الهجري رحمه الله:

استحباب رواية المشاهير [والصدوف عن الغرائب والمناكير]
1291 أنا أحمد بن أبي جعفر القطيعي نا يوسف بن أحمد بن يوسف الصيدلاني بمكة نا محمد بن عمرو بن موسى العقيلي نا محمد بن عمرو بن خالد نا أبي قال سمعت زهيرا يقول لعيسى بن يونس [ينبغي للرجل أن يدع رواية غريب الحديث فإني أعرف رجلا كان يصلي في يومه مائة ركعة ما أفسده عند الناس الا رواية غريب الحديث] فظنناه يعني معلى بن هلال.

1292 أنا الحسن بن محمد بن علي البلخي أنا محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان الحافظ ببخارى قال سمعت أحمد بن سهل بن حمدويه يقول سمعت سهل بن المتوكل يقول سمعت محمد بن عمر التيمي يسكن البصرة قال سمعت مالك بن أنس يقول [شر العلم الغريب وخير العلم الظاهر الذي قد رواه الناس].

المصدر: (الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع جزء 2 صفحة 100 ، اسم المؤلف:  أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي ، دار النشر : مكتبة المعارف - الرياض - 1403 ، تحقيق : د. محمود الطحان).

أمثلة:

قال ابن حبان عن حديث "ثلاث ساعات"، (ذِكرُ الخبر المُدحضِ قولَ من زعم أن هذا الخبر تفرد به أبو هريرة).

لو لم يكن تفرد الصحابي أو غيره علة قادحة لما تجشم ابن حبان عناء البحث عن صحابي آخر يروي مع أبي هريرة حديث 3 ساعات. هذا كله رغم أن ابن حبان معروف أصلاً بالتساهل الشديد في التصحيح. فإذا كان هذا فعل المتساهل فكيف بغيره؟!.

ولاحظوا أنه حين رد على من زعموا انفراد أبي هريرة  لم يقل بأن انفراد الصحابي لا بأس به. لا لم يقل ذلك. ولم يقل بأن وجه تعليلهم خطأ. بل ذهب يبحث عن صحابي آخر روى الحديث مع أبي هريرة لكي يثبت بأن أبا هريرة لم ينفرد برواية الحديث. ثم ساقه الحديث من رواية صحابي آخر. ولو لم يكن انفراد الصحابي علة قادحة لاكتفى بالرد عليهم بذلك ولما تجشم عناء البحث والتقصي. 



كتب هذا المقال: المحدث أحمد آل الشيخ

ليست هناك تعليقات: